ثروة 1% أكبر من ثروة 99% من سكان العالم!

لأستاذ الدكتور أحمد يوسف الزعبي

الجامعة الأمريكية – مادبا

مستشار معماري وخبير في التصميم والتخطيط الحضري

أصدرت منظمة (أوكسفام) الخيرية البريطانية غير الحكومية تقريراً بعنوان (الثروة: امتلاك كل شيء، وهل من مزيد)، تناول تفاقم حالة عدم المساوة فى العالم وإتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء، وأشار التقرير إلى أن إنعدام المساواة في الدخل سيصل لمرحلة جديدة بحلول عام 2016، بحيث سيسيطر الأغنياء حول العالم، والذين يشكلون نسبة 1% من سكان العالم، على ثروة تساوي تقريباً كل ما لدى الـ 99% من السكان (ستة مليارات وتسعمائة مليون نسمة).

وحذرت المنظمة من أن ازدياد إنعدام المساوة يعيق مكافحة الفقر حول العالم، في الوقت الذي يعيش فيه أكثر من مليار نسمة على أقل من 1.25 دولار في اليوم، ولا يملك واحد ضمن تسعة أشخاص في العالم ما يأكله، وبحسب التقرير، سيطر الأغنياء حول العالم على نسبة 48% من إجمالي الدخل العالمي، بينما سيطر الفقراء والذين يشكلون نسبة 80% من سكان العالم على نسبة 5.5% فقط.

وبين تقرير المنظمة أن الثروة العالمية نمت بنسبة 5% لتبلغ 241 تريليون دولار، خلال العام الماضي، إلا أن الملفت للنظر هو أن 110 تريليونات دولار من هذه الثروات هي بيد 1% من أغنياء العالم، وأن ثروة أغنى 80 شخص في العالم، في عام 2014، كانت تعادل ما لدى 3.5 مليار نسمة، أي النصف الفقير من سكان الكرة الأرضية، بعد أن كان يستأثر بهذا النصيب ما يقرب من 400 شخص من الأغنياء في عام 2010، مما يعني أن الثروة الفلكية لأغنى 80 شخص في العالم قد تضاعفت عدة مرات فى غضون 4 سنوات فقط.

وألقى التقرير الضوء على أن التركيز العالي للثروة يعتبر تهديداً للنظام الاقتصادي والسياسي في العالم، وما يترتب على ذلك من رفع حالة التوتر في المجتمعات، وقالت الرئيسة التنفيذية لمنظمة (اوكسفام) ويني بيانيما إن المخاطر المترتبة على هذه الفجوة الكبيرة ليست فقط من ناحية فروقات الدخل وحسب، بل أننا وجدنا أن الأثرياء في العالم يصلون إلى السلطة، وبينت أن تقرير (أوكسفام) هو فقط آخر دليل على وصول إنعدام المساواة لحدود صادمة ومستمرة في الزيادة، مضيفةً أن الوقت حان لقادة الرأسمالية الحديثة العالميين، وأيضا للسياسيين، أن يغيروا النظام ليصبح أكثر إنصافاً.

وتبقى مشكلة الفقر، التي كانت ولا تزال، من أهم وأخطر المشكلات العالمية التي تهدد الأمن والإستقرار في أغلب دول العالم التي أصبحت، وعلى الرغم من التعافي المحدود للاقتصاد العالمي الذي أعقب الأزمة المالية، تعاني من تفاقم وانتشار ظاهرة الفقر والبطالة وإزدياد الهوة بين الأغنياء والفقراء.

بالإضافة إلى تأكيد بعض الخبراء على أن قضية الفقر في العالم تتشابك مع قضايا كثيرة، وخاصة قضايا الإصلاح الاقتصادي، التي تؤدي إلى مزيد من الفقر الذي ينتشر في العالم اليوم بشكل مخيف، وقد حذر خبراء اقتصاديون من أن التفاوت المتنامي بين الفقراء والأغنياء، يعتبر الخطر الأكبر الذي يواجه الإقتصاد العالمي حالياً، في ظل التعافي المتنامي للاقتصاد وقلة الفئة المستفيدة من هذا التوجه.

ويبقى السؤال المطروح: هل من الممكن لهذا التقرير أن يجد صدى لدى أصحاب القرار، إذا كانت زيادة الفقر وإتساع الهوة بين الغنى والفقر، هما نتيجة مباشرة للسياسات الاقتصادية والمالية في العالم، والتي تؤدي لمزيد من زيادة الثروات في يد قلة قليلة من الأغنياء، وتعمل على إزالة أي حواجز قد تضعها دول العالم الثالث للإحتفاظ بالثروة فى بلدانها، وبذلك تسٌرع وتسٌهل من إنتزاع ونقل ثروات العالم الفقير إلى دول العالم الغني، وبالتالي تحافظ على بقاء العالم الثالث تابعاً ومتخلفاً، وتحافظ على العولمة في شكلها الحالي؟!.

18-آذار-2018 00:00 ص

نبذة عن الكاتب